الشعب يريد

يوما سيعلم قومي أننا لم نكن نهدد أمنهم ….يوما سيعلم قومي أن ثورتنا كانت لنا و لهم…. يوما سيعلم قومي أنني وقفت مع ألفي ألف من أبناء شعبي في مكان واحد نطالب بحقنا و حقهم…. غفلت يومها و قد عجز لساني عن وصف روعة يومي…. لم أكن أعلم أن شعبي عظيما هكذا… رأيت رجلا كبيرا يغني على نغمات عوده “الحلوة دِه قامت تعجن في الفجرية“ و هو يفترش أرض الميدان و حوله الرجال و النساء… رأيت شابا يلبس الثياب السوداء و يمسك جيتارا و قد ربط شعرة الطويل خلف رأسه و هو يغني “طاطي راسك طاطي طاطي ..انتا في وطن ديموقراطي“… و قد وقف الناس يستمعون إليه و هم يستعدون لتوديع تلك الأيام التي عاشوها في ظل ذلك الوطن الديموقراطي…. رأيت شابة في قرب عمري و هي تهتف باسقاط النظام و بأن الشعب المصري سوف يرى النور في أيامه القادمة… ويهتف الناس من بعدها… و عندما ارتبكت وخرجت كلماتها دون ترتيب هب شعب التحرير كله للتصحيح و الابتسام لها و قد تلونت وجنتيها باللون الأحمر… رأيت شابا و هو ينشد ما ألف من الشعر السياسي الذي يشد من همم الناس و من الشعر الهزلي الذي يروح عن انفسهم إذ يحكي عن صديقه الصعيدي الذي يصف نفسه بعيداً عن حبيبته بالجحش الذي لا يجد الساقية  ..أو بالزلعة الخالية من المش …رأيت رجلا يمسك بكيس أسود يجمع فيه القمامة و هو ينادي  "تبرعوا للحزب الوطني الديمقراطي"... رأيت مجموعة من الشباب مجتمعين حول مجموعة من مكبرات الصوت ينشدون النشيد الوطني و بعض أغاني محمد منير“ علي صوتك“… وبعد هذا اليوم الحافل صلى كل من كان في الميدان-  من المسلمين بالطبع - صلاة الفجر خلف امام ذو صوت عذب تطرب له الأذان… وتدخل آيات القرآن من فمه إلى القلب مباشرة ..وفي الركعة الثانية… دعا الله ان يزيل الهم و ان يفرج الكرب… و ان يجعل أيام ابنائنا خيراً من أيامنا…

أغمضت عيناي و أنا لا أكاد أصدق أنني عشت هذا اليوم… و أنا أحمد الله كثيرا… و أدعوه أن يبارك لكل من اجتمع في هذا اليوم ليطالب بحقه و حق شعبه… و أن تكون هذه كلمة حق عند سلطان جائر و أن تكون حجة لنا حين نُسأل يوم القيامة….

أغمضت عيناي و أنا راض…. و كنت أعتقد في قرارة نفسي بأن الله لن يضيعنا و أن وطننا الذي سرق منا كل تلك الأعوام سوف يرجع لنا….

كانت هذه كلمات كنت قد كتبتها في السادس من فبراير بعد عودتي يوماً من ميدان التحرير...ذلك الميدان الذي شهد إعادة كتابة التاريخ من جديد، لا أعني هنا تاريخ مصر وحدها ولكن -  وكما نشهد الآن بعد مرور شهور -  كتب تاريخ العالم

أجمع .

This article was written by Abd el Rahman Helmy who was one of our old talented writers..
Thanks Helmy

================================

Published at www.magnology.net | 28th Issue | 01/10/2011

(436 reads)

the original article Here :  http://magnology.net/magazine/28th-issue/fan-box/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A8-%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%AF