فيالتدوينة السابقة تحدثت طفيفا عن محاضرة مادة الأخلاقيات…وكيف أنها غيرت نظرة معظم من استمع إليها لما يمكن أن تعنيه الأخلاق وكيف يمكن أن تؤثر في تقدم الأمم أو تأخرها .
كيف كان التناول مختلفا بحيث غير من نظرة مستمعيه ؟ هذا ماستحتويه هذه التدوينة.
في يوم من أيام الكورس في محاضرة الأخلاقيات …تقريبا المحاضرة التانية أو التالتة …د. شريف طلب منا كل
واحد يطلع ورقة ، ويكتب فيها علاقته بفكرة الغش في الامتحانات...هل أنت بتغش ؟ أنت
مش بتغش لكن ممكن تساعد غيرك على الغش ؟ طيب لو شفت غيرك بيغش...هاتسكت ؟هاتقول له
مايغشش ؟هاتبلغ عنه ؟ كانت أسئلة محددة وكان المطلوب منا نجاوب عليها مع ذكر
الأسباب
الموضوع كان في غاية البساطة ويفترض فيه الشفافية لإنك مش
مضطر تكذب ،نظراً لأنه مش مطلوب تكتب اسمك...لكن في نفس الوقت هو مفيد جداً لإنه
بيدي احصائية دقيقة إلى حد كبير عن الدفعة
مش فاكر النتايج كانت كام بالظبط بس هي كانت في حدود (30%)
يمارس الغش و (60%) ممكن يساعد على الغش أو يسكت عليه...وديه بالمناسبة- طبقاً
لكلام د.شريف - أقل نسبة للغش خلال 12 سنة (الدفعات اللي تم تدريسها المادة) ...
وعشان كده ، د.شريف أطلق علينا "دفعـــة الملائــكة ".
هانرجع لموضوع دفعة الملايكة ده كمان شوية...لكن خلينا دلوقتي نكمل مع موضوع الغش.
فضلنا نتكلم كام محاضرة كده على مشكلة الغش وايه آثارها وأضرارها وما إلى ذلك.
فضلنا نتكلم كام محاضرة كده على مشكلة الغش وايه آثارها وأضرارها وما إلى ذلك.
بعد كام محاضرة بدأنا النقاش في
موضوع مختلف ألا وهو الرشوة...الدكتور شرح مثال عن الموضوع وطلب آراء الناس فيه.
الموضوع إن في مهندسة بتعمل في شركة ما وكان المطلوب شراء عدد معين من أجهزة الكمبيوتر عشان الشركة
وكان دور المهندسة إنها تجيب عروض من شركات مختلفة لشراء هذا العدد من الأجهزة،
فكان في عرضين ، الاتنين نفس إمكانيات الأجهزة ونفس الضمان..يعني تقريبا العرضين
متطابقين لكن الفرق في السعر...أحد العرضين كان تقريباً ضعف سعر العرض التاني. لما
المهندسة قدمت العرضين لرئيسها في الشغل ،كانت المفاجأة إنه اختار العرض الأعلى سعراً في مقابل إنه
هايستفيد بصفة شخصية على حساب مال الشركة اللي هيُهدر بلا فائدة للشركة ، وكان المفروض
عشان الصفقة تتم بالشكل ده مجرد امضاء المهندسة على إن العرض الأعلى سعراً ده هو
الأحسن للشركة ، في البداية ماكانتش موافقة وبالتالي بدأت الإغراءات عشان توافق
ولما ماوافقتش بدأت التضييقات والضغط عليها ، المهم إن الموضوع رسي في الآخر إن
قدامها عدة اختيارات:-
- قبول
رشوة للموافقة على الصفقة. - الاستقالة في صمت. - الإبلاغ عن المدير.
بعد ما
د.شريف عرض القضية علينا،عمل تصويت ، هاتعمل ايه لو كنت مكان هذه الباشمهندسة؟؟!
وطبعاً
بما إننا دفعة الملايكة ، جائت النتائج كالآتي:-
- قبول الرشوة
(0 –10%). - الاستقالة في صمت(50-60%). - الإبلاغ عن المدير(30-40%).
النتائج
جميلة وتوحي بالتفائل لكن للأسف الاحصائيات غلى أرض الواقع بتقول غير كده ، بتقول
أن نسبة الناس اللي بتقبل الرشوة هي النسبة الأكبر ، وأن الناس اللي بتستقيل في
صمت هي نسبة صغيرة ، أما الناس اللي بتبلغ عن الغلط فهي لا تكاد تتعدى (5-10%) ،
وفي آخر المحاضرة طرح التساؤل علينا : من أين تأتي الفجوة بين ملائكية دفعة
اتصالات 2012 وبين الواقع في مصر ؟؟ وطلب مننا نفكر لحد المحاضرة الجايــــــة.
في
الأسبوع التالي استمع د.شريف إلى آراء الناس في موضوع الفجوة:-
"عشان
احنا بنتكلم وايدينا في الميه الباردة ولسه مااتعرضناش لمشاكل الحياة وصعوباتها"
... "عشان الجيل اللي طالع هو اللي فيه الأمل والأجيال السابقة ماكانش عندها
اهتمام بالجانب الأخلاقي" ... "عشان احنا مع بعض دلوقتي بنشجع بعض على
نبذ الخطأ ولكن في الواقع، الكثرة تغلب الشجاعة" ... عشان ...عشان ... بعد ما
كل واحد عرض أسبابه لتلك الفجوة ، كان الجميع في انتظار كلمة د.شريف...ايه سبب
الفجوة دي ؟!!!
بعد كل
تلك التكهنات والمبررات والنظريات ، جاءت كلمة الدكتور غاية في البساطة ولكن قمة
في المفاجأة ...... مافيش فجوة أصلاً.
النسب
اللي بتعبر عن موقف دفعة اتصالات 2012 مش بالمثالية اللي قالوها ، النسب الحقيقية
اللي بتعبر عن الاتجاه العام للدفعة في هذا الموقف هي نسب الغش و المساعدة على
الغش... الـ(30%) اللي ممكن تغش في الامتحان هي اللي هاتقبل الرشوة في موقف مشابه
، والـ(60%) اللي ممكن تساعد على الغش أو تسكت عليه هي نفسها اللي هاتيجي في موقف
مشابه وتستقيل تاركةً للفساد مساحةً ليرتع بها، أو ممكن حتى تستمر في العمل في هذه
المنظومة الفاسدة.
المشكلة
فينا إن كل واحد بيبص تحت رجليه ، الطالب اللي بيغش في الامتحان بيبقى متخيل إن
الأثر الوحيد لما يفعله هو مجرد فرق في درجاته ، مش بيبقى في باله إنه بيرسخ جواه
مبدأ إنه ممكن ياخد حاجة مش حقه ، إنه يوم بعد يوم بيتعلم إنه يستبيح لنفسه حاجة
ماتعبش فيها ، لمجرد إنه بيكسل أو بيستسهل
الغلط وبيفضل الطريق السهل على أن يحصل على ما يريد من خلال الوسائل الشرعية.
نحن لا نعيش في نقاط منفصلة ، ولكن الحياة خط واحد متصل ، ما تبني عليه مبادئك صغيراً هو ما سيحدد خطوط حياتك فيما بعد.
نحن لا نعيش في نقاط منفصلة ، ولكن الحياة خط واحد متصل ، ما تبني عليه مبادئك صغيراً هو ما سيحدد خطوط حياتك فيما بعد.
كانت هذه الكلمات بمثابة صدمة
لنا ، لم نــرَ الأمر من قبل هكذا ، ولم نعتد أن نفكر في الأمور من ذلك المنظور .
ومن هنا تكمن قوة هذه المادة التي لا نستطيع بعد الآن أن نتعامل معها كمادة دراسية
، ولكنها مادة حياتية لا بد أن ترسم الخطوط التي نمشي بها فيما هو آت من حياتنا.
منذ ذلك الحين ، بدأ الجميع
يتحدث أن الأخلاقيات التي نتعلمها ، لا بد لها أن تتخذ المكانة التي تنبغي لها ،
وألا نحبسها في صدورنا فقط ... لا بد أن تكون جزءاً من مستقبل هذا البلد وأن تكتب
له مصيراً مختلفاً ، وبدأت محفزات نشأة يوتوبيا.
أعتذر عن الإطالة ، وأتمنى أن
تقبلوا مني أن يكون الحديث عن نشأة يوتوبيا في تدوينة منفصلة حتى لا ننقصها حقها.
إذاً في التدوينة القادمة سوف نتحدث عن نشأة يوتوبيا ، كيف جاءت الفكرة وإلى أين وصلت.
إذاً في التدوينة القادمة سوف نتحدث عن نشأة يوتوبيا ، كيف جاءت الفكرة وإلى أين وصلت.
....................حفظ
الله مصر وأهلها..............
يتبع .....